الجمعة، 13 سبتمبر 2013

وحشة



عندما تتحدث لأحدهم.. ثم تصمت متأملا إياه.. لتكتشف بأن أحداث يومك لا تعنيه وبأنها أتفه من أن يعيرها إهتمام.. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة

عندما تخشى أن تجلس لوحدك.. وتكره الزحام والأصوات.. فتعيش بين تناقض يمزقك نصفين بين الوحدة و الضوضاء.. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة

عندما تقتات الهم والحزن.. وتستسيغه فتعيش فيما يسمى عقدة الألم.. لأنها هي الوحيدة التي تعتبر إحساسا نزيها بين كل ما يخالجك.. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة

عندما تبني أحلامك قصرا من رمال فتذروها الرياح.. ثم تجرب قصائص الورق فتتساقط لتشكل شكلا عشوائيا على الأرض.. فتفكر بأعواد ثقاب لتشعلها بعد ذلك في ليلك البارد علّها تمدك بالدفء.. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة

عندما لا يكون لديك أي خصوصية.. وتكون حياتك تحت المجهر.. لا سر لك ولا حياة خاصة.. تُحاسب على التفكير حتى بأمنية مستحيلة.. وتُنتقد لو قلت ( لو أنه يوجد عالم موازي أستطيع أن أبدء من جديد).. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة

عندما تلتزم الصمت إذا قام أحدهم بتجريحك.. وتكتفي بابتسامة وكلمة( لا عادي).. تُمنع حتى من تقطيب حاجبيك كيلا يشعر بتأنيب الضمير.. وحتى لو أنه اعتذر يكرر نفس الخطأ ليعتذر وينتظر منك الابتسام وتقبل اعتذاره  المؤلم المتكرر.. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة

عندما تريد منهم التنحي.. فقط التنحي.. حتى تقوم بما يجب عليك.. وتحدد مستقبلك.. وتجدهم يتمسكون بماضيك المقيت.. يبررون سوءه.. ويجدون له ولهم ألف عذر وعذر.. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة

عندما تجد نفسك تبرر لمن هو دونك.. وتحاول أن لا تغضبه.. لأن لقمة العيش حكمت عليك بذلك.. فيكون طعم رغيفك الإهانة.. وتفكر في كل يوم أنك ستفضل الجوع عليها.. ولا تستطيع لأنك مكبّل.. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة

عندما تنقر حرفك.. وتمسحه خوفا من أن يجرح مشاعرهم.. فيفرض نفسه بنفسه.. وتجد أناملك تتحرك من تلقاء نفسها محاولة برمجة كل ما يخالجك.. لتقرأة بعد ذلك وتشعر بخوف شديد من الكمّ الهائل الذي يجثو على صدرك ولا يُزاح مهما فعلت.. فيكون يسكنك.. وأمام ناظريك.. تلك اللحظة فقط.. تعرف معنى الوحشة