الاثنين، 13 أكتوبر 2014

همسة أم





ليس من المفترض أن تتعذب الأم لفراق صغارها, مهما كبروا سيظلون أطفالها
الذين غفوا  في حضنها. أحيانا تأخذ الحياة منحى مختلف جدا عن التوقعات والتخطيطات التي تقوم بها خلال تربيتهم, تحاول جاهدة أن تصحح المسار أو أن تستدير عائدة لذلك المفترق في حياتها وتتبع خطاهم هم, ولكن لا تستطيع. 
يعتصرها الإحساس بالذنب لما يحدث فتجدها تعتذر لهم ألف مرة على قرارها وعلى كل صغيرة وكبيرة, حتى عن الذكريات الحزينة والقديمة جدا. تعتذر لأنها فطمتهم باكرا, ولأنها غفت قبلهم من شدة التعب من الاعمال المنزلية, تعتذر لأنها لم تدافع عنهم عمدما صرخت عليهم امرأة لئيمة, ولأنها أرادت بشدة أن تشتري لهم لعبة ولم يكن معها ثمنها. وأيضا تعتذر عن تلك الأكلة التي لم تعجبهم, أو لأنها أحرقت الغداء, تعتذر لأنها لم تحتضنهم كفاية, ولأنها لم تقبل جبينهم ألف مرة كل ليلة قبل النوم. تعتذر لأنهم كبروا ولم تلحظ ذلك فصروف الحياة أرهقتها وتبعات ماضيها تطاردها. وبقدر حبها لهم, تكره والدهم كرها شديدا, فماذا لو كان أفضل وأشعرها بالأمان والاستقرار, وماذا لو خاف الله وأنصفها في حقوقها, وماذا لو حماها من ألسنتهم ودافع عنها. وماذا لو وماذا لو وماذا لو؟
وأتعلم من تمقته أكثر أولاءك الذين عرفوا تفاصيلها الدقيقة واستخدموها حجّة عليها لا معها, الذين يطبقون ما يقرأون وهم لا يفقهون شيئا من الواقع, أولاءك الذين ستبتسم لهم وتضحك و لن تسامحهم ما حيت. اللائمون الذين يظنون بأنهم يفكرون كيف سيصلحون الأمور وهم يفسدونها. لم تطلب منهم شيئا ولم ولن تنتظر منهم أي مساعدة, فليصمتوا وليتوقفوا عن الحديث, هي حياتها هي ستعيشها كيف هي.
خائرة اقوى وترى أن أحلامها تلاشت , كانت تظنها بالأحرى أهدافا ستحققها لصغارها ولكن كيف ستفعل فالكل يريد أن تفعل ما يستهويه, وحتى لا يسمعوا لوما أو لا يخسروا شخصا فهم يتلفون أعصابها.
لن تنسى كرمهم وحسن ضيافتهم لها  في حياتهم لكن أحيانا تحتاج إلى الصمت لتتنفس قليلا.
لا تعلم ما تخفيه عنها الأيام, ولكن تعرف جيدا أن أطفالها سيعودون إليها ولكن بعد حين, وبأنهم سيعودون أكبر وأذكى. هي تنتظرهم بفارغ الصبر, فلترفقوا بها رجاءا, هي لا تريد شيئا سوى أن تصمتوا, فهي أدرى بما مرت به ولم يشعر بالخيبات المتتالية ولا الالآم إلا هي, توقفوا عن ضرب الأمثلة ولا تقارنوها بأحد, هي لها عالمها الخاص وموقنة جدا بأن الله الرازق والمعطي والرحمن الرحيم, وبأن مشيئته فوق كل شئ, وبقوله سبحانه((لا تدري لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرا))
فلتدعوها تبكي بسلام وحدها ولا تقربوها ولا تسألوها ولا تحزنوا عليها, لا تعطوا لأنفسكم أي حق لتكونوا أوصياء عليها, وتباعا عليه ستلومونها وتنتقدونها وتطلبون منها أشياء فوق طاقتها. فقط دعوها بسلام لا تعلمون ربما ستستفيقون يوما لتجدونها ذكرى عابرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

على من يريد ان يتفضل بتعليق مراعاة الاخلاق الاسلاميه والابتعاد عن الطائفيه او اي شئ يسئ الادب